الشباب والتغيير

حجم الخط

فضل أحمد مهاجر

أستاذ بكلية الشريعة و الدراسات الإسلامية- جامعة هراة

لا شك بأن الشباب في حياة الانسان مجموعة من الطاقات و الطموحات، فإن استخدمت هذه الطاقات و المواهب في سبيل الخير؛ فإنها تهيأ للأمة الإسلامية خير كبير، أما إن استخدمت في سبيل الشر و الضلال، تهيأ للأمة كلها من هذه الطاقات شر وبيل؛ فلذلك أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجر الشباب الناشئ مستقيماً على طاعة الله تعالى يلي أجر الحاكم العادل مباشرة. أما بقية الأصناف السبعة الذين عدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلهم على فضلهم وعظيم مكانتهم عند الله عزوجل _ يقفون دون مستوى كل منهما. على الشاب المسلم أن يعرف موقفه، وأن يعرف مرحلة شبابه، بأنها مرحلة قوة استقلالية ذات طموح وأهداف، وأنها اعتماد في البداية ثم استقلال في نضوج الهدف. والشاب المسلم يجب عليه أن يأتى بتغييرسالم، مفيد، نافع فى مجتمع الأمة الإسلامية كلها، وأن لا يَغفَل عن القيام بالأمور التى تتعلق بكافة المجالات، المجال السياسى، والمجال الإقتصادى، والمجال العلمى وما إلى ذلك. والشاب المسلم الذكىّ الفتىّ دائماً يتفكر فى أحوال الأمة الإسلامية، ويعرف دوره فى تغيير المجتمع من الذل والهوان والإضطهاد إلى الرقى والتقدم والإزدهار.

المقدمة:

الحمد لله الذى جعل الشباب أهم مراحل عمر الإنسان، وجعل له سؤالاً مستقلاً عن بقية العمر يوم القيامة ( عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه )، والصلاة والسلام سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: فقد امتدح الله الشباب المؤمن بقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}(الكهف، الآية:13).

أبين بصراحة أنه لا يمكن للعالم أن يعيش فى طمأنينة وعزة، حتى يكون هناك نظام يقود هذه الأمة إلى الرقى والإزدهار فى شتى المجالات العلمية، والاقتصادية، والثقافية وغير ذلك؛ فإذا لم يكن هناك نظام خاص لحماية هذه الأمة وقيادتها؛ فيؤدى ذلك إلى القيام بثورة شعبية تجمع أفراد الشعب جميعاً على كلمة واحدة حتى تقود هذه الأمة قيادةً عامة شاملة كاملة،وبالتالى تخدم الأمة الخدمة التى تليق بشأنها.

لو نرجع إلى تاريخ العالم كله ونمعن النظر فيه، نرى أن هناك ثلة من الشبيبة قد قادوا هذه الأمة قيادة عالمية لا تُنسَى.

نعرف جميعا أن من هاجم الأصنام والأوثان، وقام أمام الظلم والطغيان،كان شابا، بارعاً، يقظاً غير متخوّف من السلطان وغيره، إبراهيم -عليه السلام- أنظروا إلى شجاعته المباركة وإلى عزمه القاطع الجازم، الذى عزم على أمر لم يقم به في التاريخ أحد، فجعل الأصنام جذاذاً متقطعة، قام بدعوة الله أمام الظالمين والمستكبرين، ودعا الناس  إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يخف فى دعوته لومة لائم، فجعله الله سبحانه وتعالى نبيًّا، مسلمًا، حنيفًا وإماماً للمتقين، وهوالذى لم تحرقه النار،وقد أعطاه الله العزة  فى حياته وبعد مماته إلى يوم القيامة.

وفى العصر الحديث من حسن الظن نرى شباب العالم الإسلامى قد استيقظوا من سُباتهم وهبُّوا فى وجه الظلم والطغيان في كثير من بلدان المسلمين؛ مما يؤذِن بميلاد جديد للأمة المسلمة لتستعيد ريادتها للعالم، وتقوده إلى بَرّالأمان، فكم خسرالعالم بتأخرالمسلمين عن دورهم.

الهدف من هذا البحث: بيان أهمية الشباب و ضرورة التغيير في حياتهم.

 

أسئلة البحث:

ماذا يعني الشباب و التغيير؟

ماهي المحاور التي تتحدث عن الشباب؟

ما ذا يفعل الشباب إذا ثبت أن أصحاب القرار من الرؤساء و الحكام و الملوك و دونهم من المسؤلين لا يهتمون بهم؟

 

فرضية البحث:

التغيير الصحيح السليم الإيجابي أمر ضروري في حياة الشباب في جميع المجالات الخلقية، و الإقتصادية، و السياسية، و الثقافية في المجتمع الإسلامي.

 

مشكلة البحث:

الشباب كما نعرف جميعا أنهم عماد الأمم و قوتها الحقيقية؛ لكننا مع الأسف الشديد نرى اليوم كثيرا من الشباب قد استكانوا و تأخروا عن دورهم بعد ما كانوا متقدمين في كل شيء و كانوا يسودون الفئات و الأمم، و الآن نراهم يتكاسلون و يتقاعسون عن تبعتهم؛ فبحثت في هذا البحث عن دورهم الأساسي في تكوين المجتمع الإسلامي.

طريقة البحث: هذا البحث وصفي و تحليلي و يعتمد على المكتبات و قد استفدت من المصادر و المراجع المعتبرة من الكتب المطبوعة.

 

الضوء على كلمتي الشباب و التغيير:

إن الشباب درر المجتمع، وجواهره الثمينة، وهم أكثر فئات المجتمع حبا للتضحية ولو بالنفس؛ ولذلك كانت كلّ جيوش العالم من الشباب، وقامت الثورات بهم وعلى سواعدهم. وهم أكثر أتباع المرسلين عليهم الصلاة والسلام.(كنعان،1411هـ:45).

الشباب و التغيير مصطلحان متلازمان مهمان حَيَوِيّان، لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ فلا شباب بدون التغيير و لا التغيير بدون الشباب، الشاب الذي ليس في حياته حَيَوِيَّة و تغيير فأتصور أنه ليس شاباً، ولا يحدث التغيير المرجو في حيات الشعوب و الأمم إلا بطاقات الشباب و عنصر الشباب.

الشباب عماد الأمم و هم قوتها الحقيقية، و الأمم، و الشعوب و الحضارات تتنافس و تتسابق في شبابها على مستوى العُمري و على مستوى القيادة و على مستوى الحضارة، فيقال شعوب شبابية و يقال شعوب من صنف العجائز و الكبار، و هذه المسألة تدرسها الحضارات الحية و الشعوب الحية؛ فعنصر الشباب ضروري أن تكون له نسبة عالية عندما تتسابق الأمم و تتنافس في القيادة و الريادة و السيادة.

التغيير شيء بدهي أن نقول أنه سنة ربانية كتب الله على كل ما سواه أن يتغير. قال الله عز وجل:( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11).

رسالات السماء التي أرسل الله بها رُسله الكرام هي رسالات التغيير و التحويل و التطوير و هناك حشد من الآيات و النصوص في هذا المجال.

ما كان الله لِيُنْزِل الوحي من السماء عَبْر كوكبة الرسل الكرام إلا لتغيير واقع الناس على جميع المستويات حتى يصل إلى تغيير الرباني المشهود.

السؤال الذي يدور دائما في خاطري أن الشباب كانوا متقدمين في جميع الأمور السياسية، و الإجتماعية، والثقافية، و الإقتصادية و ما إلى ذلك. فلماذا تأخروا بعد ذلك؟

و النبي – صلى الله عليه وسلم- و الصحابة كانوا يقدمون الشباب في شتى الميادين و المجالات و كان الشباب يتكلمون، و يتقدمون، و يخترعون، و يبتكرون؛ فماذا أصاب للشباب اليوم و لماذا لا يتكلم الشباب؟ أو نوع من التحكم الأبوي و العمريّ من الكبار، أم أن الكبار لم يعدهم الإعداد الصحيح السليم حتى يتقدموا و يتكلموا عن أنفسهم، أم أن الشباب هم أنفسهم على تقصير و في مرحلة لا مبالاة و أنهم يعيشون أهدافاً صغيرة.

خلقنا الله عز وجل وكرمنا على سائر خلقه، وأسجد الملائكة لأبينا آدم، وأعد لنا الجنة لتكون لنا دارا:( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (الإسراء:70).

ولقد خلقنا الله سبحانه وتعالى وكرمنا هذا التكريم، وأسكننا الأرض وسخرها لنا، لنقوم بأداء مهمة جليلة ألا وهي عبادته (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56).

فنحن إذن لم نخرج إلى الأرض لنأكل أو لنشرب أو لنتزوج، بل خرجنا لأداء وظيفة محددة .. وظيفة العبودية لله عز وجل. ( هلالي، 1432ه: 14).

و التغيير دليل عافية، و دليل حياة، و دليل حَيَوِيَّة في حياة الأمم. و الأمم الذي تخاف التغيير نحو التقدم و الرفعة هي أمم آسنة راكدة متعفنة و التاريخ يشهد على ذلك.

أعمار الأنبياء و المرسلين إذا نظرنا للمرحلة العمرية الزمنية فكلهم شباب، معظمهم في أعمار الشباب بل في قمة عمر الشباب في سن الأربعين.

 

المحاور:

سأتحدث عن بعض المحاور حتى نصل إلى حل مطلوب.

المحور الأول: ذِكْر الشباب في النصوص الشرعية:

يقول الله عزوجل في قصة إبراهيم – عليه الصلاة والسلام-:(قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ) (الأنبياء:60).

أي الفتى؟ الفتى الذي يذكر الآلهة، و يحقرها و يذللها و لا يعبدها و لا يعبأ بها بل يريد أن يستأصلها و يبعدها و يزيلها.

و كذلك يقول الله في سورة الكهف:(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) (الكهف:13).

الآية الأولى في نطاق المفرد و الآية الأخرى في نطاق المجموعة؛ فيمكن أن يكون التغيير فرديا و يمكن أن يكون جماعيا.

من النصوص الحديثية: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» (ترمذي،1395 هـ: 4/612).

و قول النبي صلى الله عليه وسلم:« سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ »(بخاري، 1401ه‍: 1/162).

أمثلة عملية من حياة الصحابة -رضي الله عنهم-:

الصحابة كلهم دخلوا الإسلام في سن الشباب حسب معرفتي لبعضهم أنهم دخلوا في العشرينيات و الثلاثينیات من أعمارهم، و هناك من الصحابة من نذكرهم و نعرفهم و هم في مرحلة الشباب و أبْلَوْا و قدموا في العلم و الجهاد و المهارات الفنية:

زيد بن ثابت: كاتب وحي مُتْقِنٌ للعبرية جامع للقرآن و كان عمره بين ثلاثة عشر إلى عشرين سنة.

المحور الثاني:

مرحلة الشباب مرحلة القوة والنشاط و الطموح، قوة في الجسد و طاقات لم تُسْتَهلَك بعدُ؛ فهي طاقات مكنوزة متحفظة جاهزة لِأَن تتحرك نحو التغيير الصحيح الإيجابي.

مرحلة الشباب اعتماد و استقلال و تعاون لهدف، اعتماد في البداية ثم استقلال في مرحلة النضوج و بداية الشباب، ثم هي تعاون مع الآخرين لتحقيق الهدف.

المحور الثالث: ماهو التغيير المطلوب الذي نتكلم عنه؟

كلنا يتكلم عن التغيير، و الحياة تمر بالتغيير و المؤلفات و الكتب.

و قد يختلف الناس و قد يتفقون على مفاهيم التغيير؛ فيما أحسَب أن المسألة تنبني على التشخيص الصحيح لحال أمتنا و أنفسنا.

سلبيات واقعنا و ايجابيات واقِعنا، الإيجابيات موجودة  و السلبيات موجودة؛ لكننا نتفق على أن السلبيات هي الأكثر و هي التي تَعُمُّ جميع أطراف حياتنا.

الحياة جوانب: فيها السياسي و فيها التربوي و فيها الإقتصادي و فيها العلمي و فيها المعرِفِي و فيها الخارجي و الداخلي.

كيف واقِعنا السياسي و الإقتصادي و الثقافي و الإجتماعي و التربوي و العلمي؟

الواقع السياسي: من يحكمنا؟ لماذا يحكمنا هكذا؟ هل هو على كفاءة في أن يحكمنا؟ هل هو القوي الأمين؟ هل هو صِناعة داخلية نقية خالصة أم هو مزيج بين الداخل و الخارج. أسئلة كثيرة في هذا الجواب و في هذا المجال.

الجانب العلمي: الجانب العلمي بجميع ما تحمل كلمة العلم من معنى، العلوم الإنسانية و الشرعية و الدينية و المادية من تقدم في البر و البحر و الجو كلها ما هو مستوانا؟ الكل يعرف.

طاقات الشباب التي نتكلم عنها: ما هي الخطط القومية أو الوطنية في مجتمعنا الإسلامي للشباب؟ و ماهي نتائجها و كيف نغير ما بأنفسنا؟ إذن؛ الحل الذي نُجْمِعُ عليه جميعا أن التغيير بالإسلام و إلى الإسلام، بالإسلام بأنفسنا على مستوى الفردية و الجماعة و كل مؤسساتنا و نواحي حياتنا و للإسلام حتى يكون دستور حياةٍ شامل كامل لواقع أمتنا و حياته.

و الإسلام كما نعرف جميعا أنه نظام أنزله الله للتغيير في حياة الذين نزل عليهم أولا بل في حياة العالم كله و سيادة الإسلام هي ربانية و ليس من اختيار البشر؛ فلا بد أن نعمل به و له.

المحور الرابع: دور الشباب في التغيير

الشباب هم مادة التغيير الرئيسية بأنفسهم أولا و لأمتهم ثانياً، أعتقد أن من ينادي بالتغيير إذا لم يغير هو و يبدأ فقد تكون مناداته فيها نوع من الاستعجال والفلسفة و قلة المصداقية.

إذا أراد الشاب أن يغير و ينادي بالتغيير على مستوى الأمة؛ فليسأل نفسه ما هو واقعه من التغيير على ذاته كفرد، كأسرة، كجامعة، كوزارة، كأي منطقة يكون فيها أين هو من هذا التغيير؟

الأصل أن أصحاب القرار و المسؤلية هم الذين يخططون للشباب و يُرَبُّون الشباب حتى يوصلوهم إلى الحد الذي يستطيعون فيه أن يكونوا هم عماد الأمة، هل حصل هذا في حياة أمتنا؟

إذا كان لم يَحْصُلْ أو إذا حصل بشكل مجزوء و لم يكن ضمن خطة متكاملة ما ذا نفعل نحن الشباب؟ ما هو دور الشباب إذا ثبت لنا أن أصحاب القرار من الرؤساء و الحكام و الملوك و دونهم من المسؤلين لم يضعوا الخطط السليمة اللازمة التي تنهض بالشباب  و تَسْتَخْدِم الشباب؛ فما ذا يفعل الشباب؟

لتوضيح هذه المسألة أضع عدة نقاط:

أولاً: فهم الذات و القدرات و المواهب: فليسأل نفسه مَنْ أنا، ما هي قدراتي، ماهي طاقاتي، ما ذا فِيَّ، ما ذا عندي، كثير منا حقيقة يَجْهَلُ ما عنده من القدرات و المهارات و الطاقات و المواهب، ربما لأننا لم نُرَبَّ على هذا، ربما لأنه لم توضع لنا الخطط السليمة الصحيحة التي تستطيع أن تكتشف بنا طاقاتنا.

نرى جميعا أن العدو سَبَق و إن كنا عندنا أصول في السيرة و في حياة الصالحين و في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم- و العصور الإسلامية. كيف كانوا يعرفون طاقات الشباب و يقدمونهم و هم صغار. ربما بيئاتنا، نَمَطُ تفكيرنا، أحوالنا السياسية و الإجتماعية و الأسريةلم تستطع أن تكتشف هذه الأمور و تضعها بالنصاب الصحيح؛ و بالتالي نرى أن هناك مهارات و طاقات تموت مع أصحابها.

ثانياً: لا بد من تحديد الهدف: لا بد للشاب أن يحدد هدفه في الحياة، الشاب الذي ليس له رؤيا و ليس له هدف محدد أنا أتصور أنه يعيش على هامش الحياة، هو قد يأخذ الشهادة و يتزوج و يدرس و يعيش الحياة العادية، لكن الأمر ليس كذلك بل أعظم الأهداف أن يعيش لنفسه و لأمته لا لنفسه فقط.

ثالثاً: التأهيل الشامل: لا تغيير و لا أهداف أن تصلها بدون التأهيل و التدريب و التطوير على المستوى  العلمي و العملي و التربوي و على مستوى الفقه و الفهم. الشمول في التأهيل والفهم فيه و الفقه له يعطي الشخصية المتوازنة، و الشخصية المتوازنة تستطيع أن تصل إلى التغيير بدون إضطرابات أو بدون علو أو تَمَيُّعٍ في المواقف و في الفهم و العمل.

يقول أهل التنمية البشرية: إذا أردت أن تُعِدّ نفسك أنظر إلى عدة أشياء:

  1. قناعاتك الفكرية: ماهي قناعاتك في نفسك و في أهدافك؟

اهتماماتك بالهدف: أهو هدف عادي كما هو أهداف الناس أم هو هدف أعلى، إذا كانت النفوس عظاما تعبت في مرادها الأجساد. (الثعالبي،1417 هـ:197).

  1. المهارات: ما هي مهاراتك في اللغات، و في الإدارة، و في التواصل مع الآخرين؟.
  2. فهم الواقع و ظروفه و متغيراته: هذه من الأشياء المهمة عند الشباب، و الشباب عليهم أن يفهموا جيدا أن الواقع متغير عندنا و عند غيرنا فلا بد أن نكون على وعي في هذه المسألة.

فقه واقع التغيير:

يجب على الشباب أن يدرسوا جيدا فقه قواعد التغيير و ينتبهوا إلى النقاط التالية:

  • التغيير الداخلي: آدم و حوى علهيما السلام عندما أكلا من الشجرة فندما و قالا:( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ( الاعراف:23).

و قال الله في مكان آخر:(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11).

  • التدرج: سنة التدرج هي سنة ربانية ولا بد من درجة بعد درجة، و مرحلة بعد مرحلة، القبض ربما تكون نتيجته الإنكسار و الرجوع.
  • الوسطية و الإعتدال في التغيير: تغييرنا الإسلامي هو وسطي لا علو و لا تطرف و لا تشنج في الأفكار و السلوك، يقول الله عزوجل:( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) (البقرة:143)
  • لا بد من لجم العواطف الشبابية: الشباب و هذه سنة الله فيهم طاقات، و عواطف، و قدرات و لكن هذه لا بد أن يضبطها العقل و التدرج و التفكير. الحقيقة أن أي عمل بدون عاطفة و بدون إرادة و بدون همة ميت بارد لا روح فيه و لكن في نفس الوقت أن لا تنقلب هذه الطاقات إلى تهور و اندفاع و تدمير و تخريب بعد ذلك تكون النتيجة تغيير في الجانب السلبي.

أنا أقول دائماً  لأحبابي و تلاميذي: أن العواطف مثل الماء النافع الذي فيه كل الخير و النماء؛ فإذا بَنَيْتَ أمامه سَدّاً و جَعَلْتَ له فَتَحات تستخدِمه حسب الطاقة و حسب ما تريد نِعْمَ هذه العواطف نريدها. و لكن إذا تُرِكَت العواطف مثل السيل يَجرف كل كبيرة و صغيرة أمامه اِنْقَلَبَتْ إلى خراب و تدمير، العواطف موجودة و يجب أن تكون لكن تُصَرَّفُ حسب الحال.

  • عدم الخوف و التردد و التسويف: الحقيقة واقعنا العام واقع الأمة الإسلامية بَنى في أجيالنا الخوف و التردد و التسويف؛ نتيجة للإستبداد و السلطان و الظلم الذي نحن فيه؛ فكثير من الناس يَتَلَمَّسُون جوانبهم هنا و هناك يمينا و يسارا إذا أراد أن يتكلم كلمة. هذا الخوف لا بد من إزالته بطريقة صحيحة و بالتربية.

النتيجة:

فمن خلال كتابة هذا البحث وإمعان النظر فيه توصلت إلي النتائج التالية التي تدل على دور الشباب في التغيير:

  1. فهم الذات والقدرات والمواهب و… فبعد ما يعرف الشاب المسلم ما عنده من الاستعداد الذاتى والمواهب التى ليست عند غيره، فحينذاك يشعربمسؤوليته العظيمة أمام الشعب والأمة الإسلامية.
  2. لا بد من تحديد الهدف، والشاب المسلم لا بد أن يحدد هدفه، ما ذا يريد؟ ولماذا تحرك؟ هل هو قادر على إنجاز ما قام لأجله؟ هل؟ وهل؟.
  3. التأهيل الشامل. هل هو متدرب فى عمله أم لا؟ ولا يستطيع أن يقوم باستيفاء العمل إلا بعد التدرّب والممارسة الدقيقة والمستمرة.
  4. عدم الخوف والتسويف وإزالته بالتربية. وهو لما يقوم بإنجازالعمل، عليه أن لا يخاف فى حال من الأحوال مهما كانت الظروف، و أن لا يُسَوِّف الأمر بل يقوم به حسب ما تقتضى الظروف والأزمان.
  5. التغيير في أصله إذا لم يقم به الصالح يقم به الطالح، فإذا ما قام به الصالح نحو الأحسن فيقوم به الطالح نحن الأسوأ.

 

المصادر والمراجع:

  1. القرآن الکریم
  2. البخاری، أبو عبد الله محمد بن اسماعيل.1401 ه‍ – 1981م. صحيح البخاري.ج2. دار طوق النجاة.
  3. الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى.1395 هـ – 1975 م. سنن الترمذي. ج2. بیروت: دار إحياء التراث العربي.
  4. الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل.1417 هـ – 1997 م. لباب الآداب. ج1. بیروت: دار الكتب العلمية.
  5. القاضي، محمد أحمد كنعان.1411هـ،1990م. أزمات الشباب أسباب وحلول. ج1. بیروت: دار البشائر.
  6. الهلالي ، مجدي ، 1432ه.كيف نغير ما بأنفسنا. المکتبة الشاملة، الاصدار الثالث.
  7. سويدان، طارق و العدلوني، محمد أكرم. 1425هـ-2004م. فن إدارة الوقت. الرياض- مكة المكرمة.
  8. العیدی، إسماعیل. 2012م. دور الشباب فى تنمية المجتمع. د.ن.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *